حقيبة مدرسة
هكذا كان أول يوم في حياتي ،عندما هاجمتني الحياة بسذاجتها ،وأوقعتني في شباك غدرها،وتركتني وحيدا على
مفترق طرق في متاهة،شعور يتملك المرء حينما يشعر بالوحدة والفراغ.
شيء جميل أن نشعر بالسعادة في قلب الدنيا،لكن المخجل أن نكون بصمة عار على من نحب.
أردت أن وصف الدنيا بشيء تلمسونه،وما وجدت أسهل من أن أوصفها بحقيبة المدرسة،نحتفظ بأشياء كثيرة ونخبأها
في حقائبنا،ولكن لا نعلم مدى قساوتها،فمثلا بينما يكتب القلم هموم الناس ،يسارع الكتاب بفتح أبوابه لبسط فراشه
المليء بالحكايا،في حين تسطر لنا خبايا القلوب في معجم ليس له إعراب،حينها تتساقط حروف ما بين الشفاه لترسم
حقيقة ماهيتنا وتبدع في تلوين مصيرنا.
روعة الكون لا تتجسد هنا،أو تقف لهذا الحد،وإنما تفرد جناحيها محلقة في سماء مخيلتنا،نرتكب خطايانا وبعد ذلك
نحاول مسحها بممحاة النسيان،وكأننا لم نفعل شيئا،تدور الأيام وتدور،ويدور القلم معها في مبراة قاسية يعيد بسط
ألمه في صفحات دفتر بارد.
آآآه على الدنيا لا نتخلص من همومها،في حين نهرب منها نراها مثل الشبح المظلم تطاردنا،وتعيد حساباتها في آلة
بأساء. تطرح منا الفرح وتزيد لنا المآسي ،تضرب مشاعرنا بوهم من أحلامنا وتقسم أحلامنا الطفولية لثغرات.
في النهاية..........
تغلق الحقيبة وهي مليئة بذكريات باردة تعتصر ألما وكرها،وتكون نهاية جسد عاش بلا روح،تدفن وما بداخلها لا
ينتسى،ويحمل هذا الثقل على أكتاف طفل استعد لخوض معركة مع الحياة.